ج ١٦، ص : ٧٧
أوليائه فى الذل والمهانة، وأعداءه فى العز والراحة، لكنا نجد الأمر على العكس من هذا، فإنا نحن الذين يمتعون برفاهية العيش والرخاء والنعيم، وأنتم فى ضنك وفقر وخوف وذل، فهذا دليل على أنا على الحق وأنتم على الباطل.
وقد رد اللّه عليهم مقالتهم بأن الكافرين قبلكم وكانوا أحسن منكم حالا، وأكثر مالا، قد أبادهم اللّه وأهلكهم بعذاب الاستئصال، فدل هذا على أن نعيم الدنيا لا يرشد إلى محبة اللّه لمن أوتوه، ولا إلى أنهم مصطفون له من بين خلقه.
روى أن قائل هذه المقالة النضر بن الحرث ومن على شاكلته من قريش، للمؤمنين من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم وكانوا فى خشونة من العيش وفى رثاثة من الثياب، وهم كانوا يرجّلون شعورهم ويلبسون فاخر الثياب.
ثم أمر اللّه رسوله صلى اللّه عليه وسلّم أن يجيب هؤلاء المفتخرين بحظوظهم الدنيوية ببيان مآل الفريقين يوم القيامة، وأن ما كان للمشركين فى الدنيا من المال وسعة الرزق فإنما ذلك استدراج وإمهال من اللّه لهم، ثم يلقون النكال والوبال فى جهنم وبئس القرار.
الإيضاح
(وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للذين آمنوا أى الفريقين خير مقاما وأحسن نديا ؟ ) أي وإذا تتلى على المشركين آياتنا واضحات الدلالة قالوا مفتخرين على المؤمنين، ومحتجين على صحة ما هم عليه من الباطل، أي الفريقين منا ومنكم أوسع عيشا، وأنعم بالا، وأفضل مسكنا، وأحسن مجلسا، وأجمع عددا ؟ أ نحن أم أنتم ؟
فكيف نكون ونحن بهذه المثابة على باطل، وأولئك المستخفّون المستترون فى دار الأرقم ابن أبى الأرقم ونحوها من الدور على الحق ؟
ونحو الآية قوله تعالى « وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه ».


الصفحة التالية
Icon