ج ١٧، ص : ١١٧
المعنى الجملي
بعد أن ذكر عز اسمه صدّ المشركين عن دين اللّه وعن المسجد الحرام، ثم أردفه ذكر مناسك الحج، وبين ما فيها من منافع فى الدين والدنيا - قفى على ذلك ببيان ما يزيل الصدّ عنه ويؤمن معه من التمكن من أداء تلك الفريضة على أتم الوجوه.
الإيضاح
(إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا) أي إن اللّه يدفع عن عباده الذين توكلوا عليه وأنابوا إليه - شر الأشرار وكيد الفجار، ويكلؤهم وينصرهم على أعدائهم ويكتب لهم الفلج عليهم والظفر بهم كما قال :« إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا ».
ثم ذكر السبب فى وعيدهم بقوله :
(إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ) أي وإنما دفعهم وقهرهم، لأنهم خانوا أمانة اللّه وهى أوامره ونواهيه، وكفروا أنعمه التي يسديها إليهم بكرة وعشيا، وعبدوا غيره مما لا يضر ولا ينفع.
وفى هذا إيماء إلى أن المؤمنين هم أحباء اللّه.
(أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) أي رخّص للمؤمنين، وأبيح لهم أن يقاتلوا المشركين لظلمهم إياهم، فقد كانوا يؤذون أصحاب النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أذى شديدا فيأتون إليه بين مضروب ومشجوج فى رأسه ويتظلمون إليه فيقول لهم صبرا صبرا، فإنى لم أوذن بالقتال حتى هاجر، وأنزل اللّه هذه الآية، وهى أول آية نزلت بالإذن بالقتال بعد ما نهى عنه فى نيف وسبعين آية كما رواه الحاكم فى المستدرك عن ابن عباس.
ثم وعدهم بالنصر ودفع أذى المشركين عنهم فقال :
(وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) أي وإن اللّه على نصر المؤمنين الذين يقاتلون فى سبيله لقادر، وقد فعل فأعزهم ورفعهم، وأهلك عدوهم وأذلهم بأيديهم.