ج ١٧، ص : ١٣٣
المعنى الجملي
بعد أن ذكر جلت قدرته أن الملك له يوم القيامة، وأنه يحكم بين عباده المؤمنين والكافرين، وأنه يدخل المؤمنين جنات النعيم - أردف ذلك ذكر وعده الكريم للمهاجرين فى سبيله بأنه يرزقهم الرزق الحسن ويدخلهم مدخلا يرضونه، ثم ذكر وعده لمن قاتل مبغيا عليه بأن اضطر إلى الهجرة ومفارقة الوطن بأنه ينصره وهو قدير على ذلك، إذ من قدر على إدخال الليل فى النهار وإدخال النهار فى الليل، بأن يزيد فى أحدهما ما ينقصه من الآخر - يقدر على نصره، وهو الثابت الإلهية وحده، إذ لا يصلح لها إلا من كان كامل القدرة كامل العلم، وأن ما سواه باطل لا يقدر على شىء.
أخرج ابن أبى حاتم وابن مردويه عن سلمان الفارسي قال : سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم يقول « من مات مرابطا أجرى عليه الرزق، وأمن من الفتّانين واقرءوا إن شئتم :(وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقاً حَسَناً وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ. لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ) »
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن فضالة بن عبيد الأنصاري الصحابي أنه كان بموضع فمرّوا بجنازتين إحداهما قتيل والأخرى متوفّى، فمال الناس على القتيل، فقال فضالة : مالى أرى الناس مالوا مع هذا وتركوا هذا ؟ فقالوا هذا القتيل فى سبيل اللّه، فقال واللّه لا أبالى من أي حفرتيهما بعثت، اسمعوا كتاب اللّه (وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ ماتُوا) الآية.
وروى عن أنس أنه قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم :« المقتول فى سبيل اللّه والمتوفّى فى سبيل اللّه بغير قتل هما فى الأجر شريكان ».