ج ١٧، ص : ١٤٥
روى أن الوليد بن المغيرة قال : أ أنزل عليه الذكر من بيننا ؟ فأنزل اللّه الآية :
« اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ »
وأخرج الحاكم وصححه عن عكرمة قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم « إن اللّه اصطفى موسى بالكلام وإبراهيم بالخلّة »
الإيضاح
(يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ) أي يا أيها الناس جعل المشركون لى أشباها وأندادا وهى الآلهة التي يعبدونها معى، فأنصتوا وتفهّموا حال ماملوهم وجعلوهم لى فى عبادتهم إياهم أشباها وأمثالا.
ثم بين حال هؤلاء الأشباه والأمثال فقال :
(إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ) أي لو اجتمع جميع ما تعبدون من الأصنام والأوثان على أن يخلقوا ذبابة واحدة على صغر حجمها وحقارة شأنها ما قدروا وما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.
روى عن أبى هريرة أن النبي صلى اللّه عليه وسلّم قال :« قال اللّه عز وجل : ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقى، فليخلقوا ذرة فليخلقوا شعيرة ».
(وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ) أي وإن يسلب الذباب الآلهة والأوثان شيئا مما عليها من طيب وما أشبهه - لا تستنقذ ذلك منه على ضعفه.
والخلاصة - إنهم عاجزون عن خلق ذباب واحد، بل أعجب من ذلك أنهم عاجزون عن مقاومته والانتصار منه لو سلبهم شيئا مما عليهم من طيب ونحوه.
وفى ذلك إيماء إلى أنهم قد بلغوا غاية الجهالة، وأشركوا باللّه القادر على كل شىء آلهتهم من الأصنام والأوثان التي لا تقدر على خلق أحقر المخلوقات وأصغرها وهو الذباب ولو اجتمعت له، ولا تستطيع أن تنتصر منه لو سلبها شيئا.


الصفحة التالية
Icon