ج ١٨، ص : ١٠٤
فهو يسع هذين الزوجين وغيرهما، وهو عليم يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر بحسب ما تقتضيه الحكمة والمصلحة.
قال ابن عباس : أمر اللّه سبحانه بالنكاح، ورغّبهم فيه، وأمرهم أن يزوجوا أحرارهم وعبيدهم ووعدهم فى ذلك الغنى.
وعن أبى هريرة قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم :« ثلاثة حق على اللّه عونهم : الناكح يريد العفاف، والمكاتب يريد الأداء، والغازي فى سبيل اللّه »
. وبعد أن بين حال القادرين على النكاح ووسائله، بين حال العاجزين عن تلك الوسائل فقال :
(وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) أي وليجتهد فى العفّة وصون النفس من لا يتمكن من المال الذي به يتم النكاح، ولينتظر أن يغنيه اللّه من فضله حتى يصل إلى بغيته من النكاح،
وقد جاء فى الحديث الصحيح :« يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحفظ للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء »
الباءة مؤن النكاح من مهر ونفقة وكسوة، والوجاء نوع من الخصاء يكون برضّ عروق الأنثيين مع بقاء الخصيتين كما هما، فشبه الصوم فى قطعه شهوة النساء به.
(وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) أي والمماليك الذين يطلبون من سادتهم أن يكاتبوهم على أداء مال معين نجوما ليصيروا بعد أدائها أحرارا، ويكونون قادرين على الكسب وأداء ما كوتبوا عليه مع الأمانة والصدق - فكاتبوهم ويكونون بعد انتهاء الأجل وأداء ما أوجبوه على أنفسهم أحرارا فى رقابهم وفى كسبهم.
ثم حث المؤمنين جميعا على تحرير الرقاب فقال :
(وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللَّهِ الَّذِي آتاكُمْ) أي وآتوا أيها السادة المكاتبين شيئا من مال اللّه الذي أعطاكم وليس لكم فيه فضل، فإن اللّه ربكم ورب عبيدكم، وأموالكم


الصفحة التالية
Icon