ج ١٩، ص : ١٢٢
من غير سوء : أي من غير برص ولا نحوه من الآفات، آيات : أي معجزات دالة على صدقك، مبصرة : أي بينة واضحة، جحدوا بها : أي كذبوا، واستيقنتها أنفسهم :
أي علمت علما يقينيا أنها من عند اللّه، وعلوا : أي ترفعا واستكبارا.
المعنى الجملي
بعد أن وصف عز اسمه القرآن بأنه هدى وبشرى للمؤمنين، وأن من أعرض عنه كان له الخسران المبين - أردفه بذكر حال المنزل عليه وهو الرسول صلى اللّه عليه وسلم مخاطبا له.
الإيضاح
(وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ) أي وإنك أيها الرسول لتحفظ القرآن وتعلّمه من عند حكيم بتدبير خلقه، عليم بأخبارهم وما فيه الخير لهم، فخبره هو الصدق، وحكمه هو العدل كما قال :« وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلًا ».
ثم خوطب صلى اللّه عليه وسلم وأمر بتلاوة بعض ما تلقاه من لدنه عز اسمه تقريرا لما قبله وتحقيقا له بقوله :
(إِذْ قالَ مُوسى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ ناراً سَآتِيكُمْ مِنْها بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ) أي واذكر أيها الرسول لقومك حين قول موسى لأهله وقد ساربهم فضلّ الطريق فى ليل دامس وظلام حالك، فرأى نارا تأجج وتضطرب، إنى أبصرت نارا سآتيكم منها إما بخبر عن الطريق أو آتيكم بشعلة من النار تستدفئون بها، وكان كما قال : فإنه رجع منها بخبر عظيم، واقتبس نورا جليلا.
وقد كان هذا حين مسيره من مدين إلى مصر ولم يكن معه سوى امرأته، وكانا يسيران ليلا فاشتبه عليهما الطريق والبرد شديد.