ج ١٩، ص : ١٢٧
الإيضاح
(وَ لَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً، وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ) أي ولقد أعطينا داود وسليمان ابنه عليهما السلام طائفة عظيمة من العلم، فعلمنا داود صنعة الدروع ولبوس الحرب، وعلمنا سليمان منطق الطير والدواب وتسبيح الجبال ونحو ذلك مما لم نؤته أحدا ممن قبلهما، فشكر اللّه على ما أولاهما من مننه، وقالا الحمد للّه الذي فضلنا بما آتانا من النبوة والكتاب وتسخير الشياطين والجن، على كثير من المؤمنين من عباده الذين لم يؤتهم مثل ما آتانا.
وفى الآية إيماء إلى فضل العلم وشرف أهله من حيث شكرا عليه وجعلاه أساس الفضل ولم يعتبرا شيئا دونه مما أوتياه من الملك العظيم :« يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ » وفيها تحريض للعلماء على أن يحمدوا اللّه على ما آتاهم من فضله، وأن يتواضعوا ويعتقدوا أن عباد اللّه من يفضلهم فيه.
(وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ) أي قام مقامه فى النبوة والملك بعد موته، وسخّرت له الريح والشياطين.
قال قتادة فى الآية : ورث نبوته وملكه وعلمه، وأعطى ما أعطى داود، وزيد له تسخير الريح والشياطين، وكان أعظم ملكا منه وأقضى منه، وكان داود أشد تعبدا من سليمان، شاكرا لنعم اللّه تعالى ا ه.
ثم ذكر بعض نعم اللّه عليه :
(وَقالَ يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ) أي وقال متحدثا بنعمة ربه، ومنبها إلى ما شرّفه به، ليكون أجدر بالقول : يا أيها الناس إن ربى يسرّ لى فهم ما يريده الطائر إذا صوّت، فأعطانى قوة أستطيع بها أن أتبين مقاصده التي يومئ إليها فضلا منه ونعمة.
وقد اجتهد كثير من الباحثين فى العصر الحاضر فعرفوا كثيرا من لغات الطيور


الصفحة التالية
Icon