ج ١٩، ص : ١٤٣
إحضار عرشها ؟ فقال عفريت من الجن : أنا أفعل ذلك قبل أن تقوم من مجلس القضاء، فقال سليمان : بل أستطيع أن أحضره فى لمح البصر وكان كما قال : فلما رآه أمامه شكر ربه على جزيل نعمه.
وهنا ذكر ما فعل سليمان من تغيير معالم العرش وتبديل أوضاعه، ثم سؤالها عنه ليختبر مقدار عقلها، ولتعلم صدق سليمان فى دعواه النبوة، وتتظاهر لديها الأدلة على قدرة المولى سبحانه.
وقد كان مما أعده لنزولها قصر عظيم مبنى من الزجاج الشفاف، فرشت أرضه بالزجاج أيضا، وفى أسفله ماء جار فيه صنوف السمك، فلما دخلت فى بهوه خالته لجة من الماء فكشفت عن ساقيها لتخوض فيه، فأنبأها سليمان بأن هذا زجاج يجرى تحته الماء، حينئذ أيقنت بأن دين سليمان هو الحق وأنها قد ظلمت نفسها بكفرها باللّه ربها خالق السموات والأرض وصاحت تقول : أسلمت مع سليمان للّه رب العالمين
الإيضاح
(قالَ نَكِّرُوا لَها عَرْشَها نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ) أي قال سليمان لجنده لما جاء عرش بلقيس : غيروا لها معالم السرير وبدّلوا أوضاعه، لنختبر حالها إذا نظرت إليه ونرى : أ تهتدي إليه وتعلم أنه هو أم لا تستبين لها حقيقة حاله ؟.
ثم أشار إلى سرعة مجيها وخضوعها بقوله :
(فَلَمَّا جاءَتْ قِيلَ أَهكَذا عَرْشُكِ ؟ قالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ) أي فحين قدمت واطلعت على عرشها سئلت عنه، أعرشك مثل هذا ؟ أجابت بما دل على رجاحة عقلها إذ قالت كأنه هو، ولم تجزم بأنه هو، إذ ربما كان مثله.
قال مجاهد : جعلت تعرّف وتنكر، وتعجب من حضوره عند سليمان فقالت :