ج ١٩، ص : ٧٤
يعبدون اللّه بالليل والنهار لا يفترون، وبذا يستنير قلبه إلى ما هو أرفق به فى دينه ودنياه، وتحصل له قوة إلهية تجعله يهتدى إلى ما يريد، ومن ثم جاء فى الأثر حكاية عن اللّه تعالى :« من شغله ذكرى عن مسألتى أعطيته أفضل ما أعطى السائلين ».
الإيضاح
دعا إبراهيم ربه أن يؤتيه من فضله أجمل الأخلاق وأكمل الآداب، فطلب إليه أمورا هي :
(١) (رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً) أي ائتني معرفة بك وبصفاتك، ومعرفة للحق لأعمل به.
(٢) (وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) أي ووفقني للعمل فى طاعتك، لأنتظم فى سلك المقربين إليك، المطيعين لك، وقد أجاب اللّه دعاءه كما قال :« وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ».
روى أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال فى دعائه :« اللهم أحينا مسلمين، وأمتنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين، غير خزايا ولا مبدّلين ».
(٣) (وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ) أي وخلّد ذكرى الجميل فى الدنيا بتوفيقى لصالح العمل، فأكون قدوة لمن بعدي إلى يوم القيامة، وقد أجاب اللّه دعاءه كما قال :« وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ. سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ. كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ».
ومن ثم لا نرى أمة إلا محبة لإبراهيم وتدّعى أنها على ملته، وقد جاء من ذريته كملة الأنبياء وأولو العزم منهم.
وختم ذلك بمجدّد دينه، وداعية الناس إلى التوحيد وهو محمد صلى اللّه عليه وسلم.
وبعد أن طلب سعادة الدنيا طلب ثواب الآخرة فقال :