ج ١٩، ص : ٨٤
وجاء فى آية أخرى « فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ ».
وفى ذلك إيماء إلى طلب إنزال العذاب بهم كما يرشد إلى ذلك قوله :(وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ).
فأجاب اللّه دعاءه كما قال :
(فَأَنْجَيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ. ثُمَّ أَغْرَقْنا بَعْدُ الْباقِينَ) أي فأنجينا نوحا ومن اتبعه على الإيمان باللّه وطاعة رسوله، وأغرقنا من كفر به وخالف أمره.
وفى قوله - المشحون - إيماء إلى كثرتهم وأن الفلك امتلأ بهم وبما صحبهم، وقد روى أنهم كانوا ثمانين، أربعين رجلا وأربعين امرأة.
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً) أي إن فى إنجاء المؤمنين وإنزال سطوتنا وبأسنا بالكافرين لعبرة وعظة لقومك المصدقين منهم والمكذبين، على أن سنتنا إنجاء رسلنا وأتباعهم إذا نزلت نقمتنا بالمكذبين من قومهم، وكذلك هى سنتى فيك وفى قومك.
(وَ ما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ) أي ومع كل ما حذر به نوح وأنذر لم يؤمن به إلا القليل، وفى هذا إيماء إلى أنه لو كان أكثرهم مؤمنين لما عوجلوا بالعقاب.
(وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) أي وإن ربك لهو العزيز فى انتقامه ممن كفر به وخالف أمره، الرحيم بالتائب منهم أن يعاقبه بعد توبته.
قصص هود عليه السلام
[سورة الشعراء (٢٦) : الآيات ١٢٣ الى ١٤٠]
كَذَّبَتْ عادٌ الْمُرْسَلِينَ (١٢٣) إِذْ قالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ (١٢٤) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (١٢٥) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٢٦) وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ (١٢٧)
أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (١٢٨) وَتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (١٢٩) وَإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ (١٣٠) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٣١) وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ (١٣٢)
أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ (١٣٣) وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٣٤) إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٣٥) قالُوا سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ (١٣٦) إِنْ هذا إِلاَّ خُلُقُ الْأَوَّلِينَ (١٣٧)
وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (١٣٨) فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْناهُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣٩) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (١٤٠)