ج ٢٠، ص : ١٣٢
الإيضاح
(فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقالَ إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى رَبِّي) أي فلما رأى لوط معجزة إبراهيم آمن به وقال إبراهيم : إنى جاعل بلاد الشام دار هجرتى إذ أمرنى ربى بالتوجه إليها، ويقال :
إن مهجره كان من كوثى من سواد الكوفة إلى أرض الشام، فإنه لما بالغ فى الإرشاد ولم يهتد به أحد من قومه إلا لوط أصبح بقاؤه بينهم مفسدة، لأنه إما اشتغال بما لا فائدة فيه وهو عبث، وإما سكوت وهو دليل الرضا، فلم تبق إلا الهجرة.
ذكر البيهقي عن قتادة قال : أول من هاجر من المسلمين إلى اللّه عز وجل بأهله عثمان بن عفان رضى اللّه عنه،
قال أنس بن مالك : خرج عثمان بن عفان ومعه رقيّة بنت رسول اللّه إلى أرض الحبشة، فأبطأ على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خبرهما، فقدمت امرأة من قريش فقالت : يا محمد رأيت ختنك ومعه امرأته، قال على أىّ حال رأيتهما ؟ قالت : رأيته وقد حمل امرأته على حمار من هذه الدبابة (التي تدب فى الأرض ولا تسرع) وهو يسوقها، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم « صحبهما اللّه، إن عثمان لأول من هاجر بأهله بعد لوط ».
ثم ذكر العلة فى الهجرة فقال :
(إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) أي إن ربى هو العزيز الذي لا يذلّ من نصره، بل يمنعه ممن أراده بسوء، الحكيم فى تدبير شئون خلقه، وتصريفه إياهم فيما صرّفهم فيه.
ثم ذكر سبحانه ما منّ به عليه من النعم فى الدنيا والآخرة كفاء إخلاصه له فقال :
(١) - (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ) أي ورزقناه من لدنّا إسحاق ولدا ويعقوب من بعده حفيدا.
ونحو الآية قوله :« فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنا نَبِيًّا » وقوله :« وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً »