ج ٢٠، ص : ٤٤
روى أنه دخلها مستخفيا من فرعون وقومه، لأنه كان قد خالفهم فى دينهم وعاب ما كانوا عليه.
ثم أبان ما حدث منه حينئذ فقال :
(فَوَجَدَ فِيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ، قالَ هذا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) أي فوجد فى مصر رجلين أحدهما من بنى إسرائيل وثانيهما من القبط وهو طباخ فرعون وكان قد طلب منه أن يحمل حطبا للمطبخ فأبى، فطلب الإسرائيلى من موسى غوثه ونصره على عدوه القبطي، فضر به موسى بجمع يده فى صدره وحنكه فقتله فقال :
إن هذا الذي حدث من القتل هو من تزيين الشيطان ووسوسته.
ثم أخبر عن حال الشيطان ليحذر منه فقال :
(إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ) أي إنه عدو فينبغى الحذر منه، مضل، فلا يقود إلى خير بيّن العداوة والإضلال.
ثم أخبر بندم موسى على قتله نفسا لم يؤمر بقتلها بقوله :
(قالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي) أي قال رب إنى ظلمت نفسى بقتل نفس لا يحل قتلها، فاغفر لى ذنبى واستره ولا تؤاخذني بما فعلت، قال قتادة : عرف واللّه المخرج فاستغفر ا ه. ثم لم يزل صلى اللّه عليه وسلم يعدد ذلك على نفسه مع علمه بأنه قد غفر له، حتى إنه يوم القيامة يقول عند طلب الناس الشفاعة منه : إنى قتلت نفسا لم أومر بقتلها، وإنما عده ذنبا وقال :(إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي) من أجل أنه لا ينبغى لنبى أن يقتل حتى يؤمر بالقتل.
روى مسلم عن سالم بن عبد اللّه أنه قال : يا أهل العراق : ما أسألكم، وأركبكم للكبيرة. سمعت أبى عبد اللّه بن عمر يقول : سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول « إن الفتنة تجىء من هاهنا - وأومأ بيده نحو المشرق - من حيث يطلع قرنا الشيطان، وأنتم بعضكم يضرب رقاب بعض، وإنما قتل موسى الذي قتل من


الصفحة التالية
Icon