ج ٢٠، ص : ٤٧
تفسير المفردات
أقصى المدينة : أي أبعدها مكانا، يسعى : أي يسرع، الملأ : أشراف الدولة ووجوهها، يأتمرون بك : أي يتشاورون فى أمرك، قال الأزهرى ائتمر القوم وتآمروا إذا أمر بعضهم بعضا كما قال :« وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ » وقال النمر بن تولب :
أرى الناس قد أحدثوا شيمة وفى كل حادثة يؤتمر
يترقب : أي يلتفت يمنة ويسرة، توجه إلى الشيء : صرف وجهه إليه، تلقاء مدين : أي جهتها، ورد : أي وصل، والمراد بماء مدين : البئر التي كانوا يستقون منها، أمة : أي جماعة، تذودان : أي تطردان غنمهما عن الماء خوفا من السقاة الأقوياء، قال الشاعر :
لقد سلبت عصاك بنو تميم فما تدرى بأيّ عصا تذود ؟
ما خطبكما : أي ما شأنكما ولم لا تردان
إلا سحر مفتعل، وما رأينا أحدا من آبائنا على هذا الدين، فقال لهم موسى : ربى أعلم بالمهتدي منا ومنكم، وسيفصل بينى وبينكم، ويجعل النصر والتأييد للصالحين من عباده.
الإيضاح
(قالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ. وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ) أي قال يا رب إنى قتلت من قوم فرعون نفسا، فأخاف إن أتيتهم ولم أبن عن نفسى بحجة أن يقتلونى، لأن ما فى لسانى من عقدة يحول بينى وبين ما أريد من الكلام، وأخى هرون هو أفصح منى لسانا، وأحسن بيانا، فأرسله معى عونا يلخّص بلسانه الفصيح وجوه الدلائل، ويجيب عن الشبهات، ويجادل هؤلاء الجاحدين المعاندين، وإنى أخاف أن يكذبونى ولسانى لا يطاوعنى حين المحاجة.
فأجابه سبحانه إلى ما طلب.
(قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما) أي سنقويك ونعينك بأخيك، ونجعل لكما تسلطا عظيما وغلبة على عدوكما، فلا يصلون إليكما بوسيلة من وسائل الغلب.
(بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ) أي أنتما ومن تبعكما الغالبون بحججنا وسلطاننا الذي يجعله لكما.
وفى هذا دليل على أن فرعون لم يصل إلى السحرة بشىء مما هددهم به، لأنهم من أكبر الأتباع الباذلين أنفسهم فى سبيل اللّه.


الصفحة التالية
Icon