ج ٢٠، ص : ١٠٢
المعنى الجملي
بعد أن ذكر سبحانه قول أهل العلم بالدين : ثواب اللّه خير - أعقب ذلك بذكر محل هذا الجزاء، وهو الدار الآخرة وجعله لعباده المؤمنين المتواضعين، الذين لا يترفعون على الناس، ولا يتجبرون عليهم، ولا يفسدون فيهم، بأخذ أموالهم بغير حق، ثم بين بعدئذ ما يحدث فى هذه الدار جزاء على الأعمال فى الدنيا، فذكر أن جزاء الحسنة عشرة أضعافها إلى سبعمائة ضعف إلى ما لا يحيط به إلا علام الغيوب، فضلا من اللّه ورحمة وجزاء السيئة مثلها، لطفا منه بعباده، وشفقة عليهم.
الإيضاح
(تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً) أي تلك (الدار التي سمعت خبرها، وبلغك وصفها - نجعل نعيمها للذين لا يريدون تكبرا عن الحق وإعراضا عنه، ولا ظلم الناس ومعصية اللّه.
وثبت فى الصحيح أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال :« إنه أوحى إلىّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغى أحد على أحد ».
روى مسلم وأبو داود أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال :« لا يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال ذرة من كبر، فقال رجل : إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة، فقال : إن اللّه جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق، وغمط الناس ».
وروى أبو هريرة :« أنه جاء رجل إلى النبي صلّى اللّه عليه وسلّم، وكان جميلا، فقال : يا رسول اللّه إنى رجل حبّب إلىّ الجمال وأعطيت منه ما ترى حتى ما أحب أن يفوقنى أحد بشراك نعل أ فمن ذلك ؟ قال : لا ولكن المتكبر من بطر الحق وغمط الناس ».
وعن عدى بن حاتم قال :« لما دخل على النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ألقى إليه وسادة