ج ٢١، ص : ٩٩
فيزيننّ لكم بوساوسه المعاصي والآثام ثم ختم السورة بذكر ما استأثر اللّه بعلمه، مما فى الكائنات، وهى الخمس التي اشتملت عليها الآية الكريمة، مما لم يؤت علمها ملك مقرّب، ولا نبى مرسل.
الإيضاح
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً) أي يا أيها المشركون من قريش وغيرهم، اتقوا اللّه وخافوا أن يحل بكم سخطه فى يوم لا يغنى والد عن ولده، ولا مولود هو مغن عن والده شيئا، لأن الأمور كلها بيد من لا يغالب، ومن لا تنفع عنده الشفاعة والوسائل التي تنفع فى الدنيا، بل لا تجدى عنده إلا وسيلة واحدة، هى العمل الصالح الذي قدمه المرء فى حياته الأولى.
ثم أكد ما سلف بقوله :
(إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ) أي اعلموا أن مجىء هذا اليوم حق، لأن اللّه قد وعد به، ولا خلف لوعده.
ثم حذرهم من شيئين، فقال :
(١) (فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) أي فلا تخدعنّكم زينة هذه الحياة ولذاتها، فتميلوا إليها وتدّعوا الاستعداد لما فيه خلاصكم من عقاب اللّه فى ذلك اليوم.
(٢) (وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ) أي ولا يغرنكم الشيطان، فيحملنّكم على المعاصي بتزيينها لكم، ثم إرجاء التوبة إلى ما بعد ذلك، ثم هو ينسينكم ذلك اليوم، فلا تتخذنّ له زادا، ولا تعدّنّه معادا.
ثم ذكر سبحانه خمسة أشياء لا يعلمها إلا هو، فقال :
(١) (إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) فلا يعلمها أحد سواه لا ملك مقرّب، ولا نبى مرسل، كما قال :« لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ».
(٢) (وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ) فى وقته المقدر له، ومكانه المعين فى علمه تعالى، والفلكيون وإن علموا الخسوف والكسوف، ونزول الأمطار بالأدلة الحسابية،