ج ٢١، ص : ١٥٤
والخلاصة - أنتنّ بين أحد أمرين : أن تقمن مع الرسول وترضين بما قسم لكن وتطعن اللّه، وأن يمتعكن ويفارقكن إن لم ترضين بذلك.
وبعد أن خيرهن واخترن اللّه ورسوله - أتبع ذلك بعظتهن وتهديدهن إذا هن فعلن ما يسوء النبي صلى اللّه عليه وسلم وأوعدهن بمضاعفة العذاب فقال :
(يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً) أي من يعص منكن الرسول صلى اللّه عليه وسلم ويطلب ما يشق عليه ويضق به ذرعا ويغتم لأجله - يضاعف لها العذاب يوم القيامة ضعفين، أي تعذب ضعفى عذاب غيرها، لأن قبح المعصية منهن أشد، ومن ثم كان ذم العقلاء للعالم العاصي أشد منه للجاهل العاصي، وكان ذلك سهلا يسيرا على اللّه الذي لا يحابى أحدا لأجل أحد، إذ كونهن نساء رسوله ليس بمغن عنهن شيئا، بل هو سبب لمضاعفة العذاب.
روى أن رجلا قال لزين العابدين رضى اللّه عنه : إنكم أهل بيت مغفور لكم، فغضب وقال : نحن أحرى أن يجرى فينا ما أجرى اللّه فى أزواج النبي صلى اللّه عليه وسلم من أن نكون كما قلت، إنا نرى لمحسننا ضعفين من الأجر، ولمسيئنا ضعفين من العذاب وقرأ هذه الآية والتي بعدها.
وإلى هنا تم ما أردنا من تفسير هذا الجزء من كلام ربنا القديم، وصلى اللّه على سيدنا محمد وآله، والحمد للّه الذي بنعمته تتم الصالحات.
وكان الفراغ من مسودّته صبيحة يوم الثلاثاء لسبع بقين من جمادى الآخرة من سنة أربع وستين وثلاثمائة وألف من الهجرة النبوية بحلوان من أرباض القاهرة كورة الديار المصرية.


الصفحة التالية
Icon