ج ٢١، ص : ٤٩
نعمه إذا فريق منهم يشركون به سواه، ويعبدون معه غيره.
ثم أمرهم أمر تهديد كما يقول السيد لعبده متوعدا إذا رآه قد خالف أمره :
اعصنى ما شئت، قال :
(لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ) أي فليجحدوا نعمى عليهم وإحسانى إليهم كيف شاءوا، فإن لهم يوما نحاسبهم فيه، يوم يؤخذون بالنواصي، ويجرّون بالسلاسل والأغلال، ويقال لهم : ذوقوا ما كنتم تعملون.
ومثله الأمر بعده وهو :
(فَتَمَتَّعُوا) أي فتمتعوا بما آتيناكم من الرخاء، وسعة النعمة فى الدنيا، فما هى إلا أو يقات قصيرة تمضى كلمح البصر.
ثم هددهم أشد التهديد بقوله :
(فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) إذا وردتم علىّ ما يصيبكم من شديد عذابى، وعظيم عقابى، على كفركم بي فى الدنيا.
روى عن بعض السلف أنه قال : واللّه لو توعدنى حارس درب لخفت فيه، فكيف والمتوعّد هو اللّه الذي يقول للشىء كن فيكون ؟.
ثم أنكر على المشركين ما اختلقوه من عبادة غيره بلا دليل، فقال :
(أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ) أي أ أنزلنا على هؤلاء الذين يشركون فى عبادتنا الآلهة والأوثان كتابا فيه تصديق لما يقولون، وإرشاد إلى حقيقة ما يدّعون.
وإجمال القصد : إنه لم ينزّل بما يقولون كتابا ولا أرسل به رسولا، وإنما هو شىء افتعلوه اتباعا لأهوائهم.
ثم ذكر طبيعة الإنسان وجبلّته إلا من عصمه اللّه فقال :
(وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ


الصفحة التالية
Icon