ج ٢١، ص : ٦٥
الإيضاح
(اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً) يقول سبحانه محتجا على المشركين المنكرين للبعث : إن الذي خلقكم من نطفة وماء مهين، وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة، ثم جعل لكم قوة على التصرف من بعد ضعف الصغر والطفولة، ثم أحدث لكم الضعف بالهرم والكبر، بعد أن كنتم أقوياء فى شبابكم - قادر أن يعيدكم مرة أخرى بعد البلى، وبعد أن تكونوا عظاما نخرة.
والخلاصة : إن تنقل الإنسان فى أطوار الخلق حالا بعد حال من ضعف إلى قوة، ثم من قوة إلى ضعف - دليل على قدرة الخالق الفعّال لما يشاء، الذي لا يعجزه شىء فى الأرض ولا فى السماء، ولا يعجزه أن يعيدكم كرّة أخرى.
(يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) أي يخلق ما يشاء من ضعف وقوة، وشباب وشيب وهو العليم بتدبير خلقه، القدير على ما يشاء، لا يمتنع عليه شىء أراده، وهو كما يفعل هذا قادر على أن يميت خلقه ويحييهم إذا شاء :
[سورة الروم (٣٠) : الآيات ٥٥ الى ٥٧]
وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ (٥٥) وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (٥٦) فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (٥٧)
تفسير المفردات
الساعة الأولى : يوم القيامة سميت بذلك لأنها تقوم فى آخر ساعة من ساعات لدنيا، ما لبثوا : أي ما أقاموا بعد الموت، غير ساعة : أي غير قطعة قليلة من الزمان