ج ٢١، ص : ٧٤
حديث رستم وإسفنديار، وأخبار الأكاسرة، فيستملحون حديثه ويتركون سماع القرآن.
الإيضاح
(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً) أي ومن الناس فريق يتخذ ما يتلهّى به عن الحديث النافع للإنسان فى دينه، فيأتى بالخرافات والأساطير والمضاحيك وفضول الكلام، كالنضر بن الحارث الذي كان يشترى الكتب، ويحدّث بها الناس، وربما اشترى الفتيات، وأمرهن بمعاشرة من أسلم، ليحملهم على ترك الإسلام، وما مقصده من ذلك إلا الإضلال، والصد عن دين اللّه وقراءة كتابه، واتخاذه هزوا ولعبا.
وعن نافع قال « كنت أسير مع عبد اللّه بن عمر فى الطريق، فسمع مزمارا، فوضع أصبعيه فى أذنيه، وعدل عن الطريق، فلم يزل يقول : يا نافع أ تسمع ؟ قلت :
لا، فأخرج أصبعيه من أذنيه، وقال : هكذا رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم صنع ».
وعن ابن عوف أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال :« إنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين : صوت عند نغمة لهو ومزامير شيطان. وصوت عند مصيبة خمش وجوه، وشق جيوب، ورنة شيطان ».
والخلاصة : إن سماع الغناء الذي يحرك النفوس، ويبعثها على اللهو والمجون بكلام يشبب فيه بذكر النساء، ووصف محاسنهن، وذكر الخمور والمحرمات، لا خلاف فى تحريمه، أما ما سلم من ذلك فيجوز القليل منه فى أوقات الفرح : كالعرس والعيد، وحين التنشيط على الأعمال الشاقة، كما كان فى حفر الخندق وحدو أنجشه (عبد أسود كان يقود راحلة نساء النبي صلى اللّه عليه وسلم عام حجة الوداع) فأما ما ابتدعه الصوفية من الإدمان على سماع المغانى بالآلات المطربة من الشبابات والطار والمعازف والأوتار فحرام، وأما طبل الحرب فلا حرج فيه، لأنه يقيم النفوس، ويرهب العدو،