ج ٢١، ص : ٧٨
(فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ؟ ) أي فأخبرونى أيها المشركون الذين تعبدون هذه الأصنام والأوثان : أىّ شىء خلق الذين من دونه مما اتخذتموهم شركاء له سبحانه فى العبادة، حتى استحقوا به العبودية، كما استحق ذلك عليكم خالفكم وخالق هذه لأشياء التي عددتها لكم ؟.
ثم انتقل من توبيخهم بما ذكر إلى تسجيل الضلال عليهم، المستدعى للإعراض عنهم، وعدم مخاطبتهم بالمعقول من القول لاستحالة أن يفهموا منه شيئا فيهتدوا إلى بطلان ما هم عليه، فقال :
(بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) أي بل المشركون باللّه، العابدون معه غيره فى جهل وعمى واضح لا اشتباه فيه لمن تأمله ونظر فيه، فأنّى لهم أن يرعووا عن غىّ أو يهتدوا إلى رشد وحق ؟.
[سورة لقمان (٣١) : آية ١٢]
وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (١٢)
تفسير المفردات
لقمان كان نجارا أسود من سودان مصر ذا مشافر آتاه اللّه الحكمة، ومنحه النبوة.
والحكمة : العقل والفطنة، وقد نسب إليه من المقالات الحكيمة شىء كثير، كقوله لابنه : أي بنىّ إن الدنيا بحر عميق، وقد غرق فيها ناس كثيرون، فاجعل سفينتك فيها تقوى اللّه تعالى، وحشوها الإيمان، وشراعها التوكل على اللّه، لعلك تنجو، ولا أراك ناجيا.
وقوله : من كان له من نفسه واعظ، كان له من اللّه حافظ، ومن أنصف الناس من نفسه، زاده اللّه بذلك عزا، والذل فى طاعة اللّه، أقرب من التعزز بالمعصية.
وقوله : يا بنىّ لا تكن حلوا فتبتلع، ولا مرّا فتلفظ.