ج ٢٢، ص : ١٠٩
المعنى الجملي
بعد أن أبان أن الشيطان يضل أتباعه ويدعوهم إلى النار - ذكر هنا أن حزب الشيطان له العذاب الشديد، وأن حزب اللّه له المغفرة والأجر الكبير، ثم بين أن الضلال والهداية بيد اللّه بحسب ما يعلم من الاستعداد وصفاء النفوس وقبول الهداية، أو تدسيتها وارتكابها الإجرام والمعاصي، فلا تحزن على ما ترى من ضلال قومك وإتباعهم لوساوس الشيطان، واللّه عليم بحالهم وسيجازيهم بما يستحقون.
أخرج جويبر عن الضحاك أن الآية نزلت في عمر رضى اللّه عنه وأبى جهل حيث هدى اللّه عمر وأضل أبا جهل.
الإيضاح
(الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) أي الذين كفروا باللّه ورسوله لهم عذاب شديد في النار، من جراء كفرهم وإجابتهم دعوة الشيطان واتباعهم خطواته.
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) أي والذين صدقوا اللّه ورسوله وعملوا بما أمرهم به وانتهوا عما نهاهم عنه - لهم مغفرة من اللّه لذنوبهم وأجر كبير كفاء ما ملئوا به قلوبهم من عامر الإيمان، وأخبتوا لربهم بصالح الأعمال.
ثم بيّن البعد ما بين الفريقين، واختلاف حال الفئتين فقال :
(أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً) أي أ فمن حسّن له الشيطان سيىء الأعمال من معاصى اللّه والكفر به وعبادة مادونه من الآلهة والأوثان، فحسب سيىء ذلك حسنا، وظن قبيحه جميلا، أ لك فيه حيلة ؟
ثم ذكر السبب في اتجاه كل من الفريقين إلى ما اتجه إليه فقال :
(فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) أي فإن ذلك الإضلال بمشيئة اللّه تعالى التابعة لعلمه باستعداد النفوس للخير وللشر، وقد تقدم ذلك غير مرة، فلا حاجة إلى الإطناب فيه.