ج ٢٢، ص : ١١٢
أطوارها، فقد كانت ترابا ثم نطفة ثم وضعت في الأرحام إلى أن صارت بشرا سويا، ومنها ما يمد في عمرها، ومنها ما يخترم قبل ذلك، كما تدل عليه المشاهدة، وكل ذلك يسير على اللّه.
الإيضاح
(وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ) أي أفلا تتدبرون وتعقلون فتعلموا أن من أوجد الرياح بعد أن لم تكن، ثم جعلها تسيّر السحاب الثقال، فتنزل منها الغيث إلى الأرض الجرز التي لا نبات بها، فتحيا بعد أن كانت ميتة وتهتز وتربو وتنبت كل زوج بهيج - أ فليس ذلك القادر الحكيم الذي أحيا ميت الأرض بقادر على أن يحيى الموتى بعد بلاها، وبعد أن كانت عظاما نخرة ؟ إنه على كل شىء قدير.
وعن أبى رزين قال :« قلت يا رسول اللّه كيف يحيى اللّه الموتى ؟ وما آية ذلك فى خلقه ؟ قال صلّى اللّه عليه وسلم يا أبا رزين أما مررت بوادي قومك ممحلا، ثم مررت به يهتز خضرا ؟ قلت بلى، قال صلّى اللّه عليه وسلم فكذلك يحيى اللّه الموتى ».
(مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً) أي من كان يود أن يكون عزيزا فى الدنيا والآخرة فليلزم طاعة اللّه تعالى، فإن بها تنال العزة إذ للّه العزة فيهما جميعا.
(إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) أي إنه سبحانه يقبل طيب الكلام كالتوحيد والذكر وقراءة القرآن، ومن الذكر : سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر.
(وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) صلاح العمل بالإخلاص فيه، وما كان كذلك قبله اللّه وأثاب عليه، وما لا إخلاص فيه، وما كان كذلك قبله اللّه وأثاب عليه، وما لا إخلاص فيه فلا ثواب عليه بل عليه العقاب، فالصلاة والزكاة وأعمال البر إذا فعلت مراءاة للناس لا يتقبلها اللّه كما قال سبحانه « فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ. الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ. الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ ».
وروى عن ابن عباس أنه قال : الكلام الطيب ذكر اللّه، والعمل الصالح : أداء


الصفحة التالية
Icon