ج ٢٢، ص : ١١٦
الثوابت والسيارات، كل يجرى بمقدار معين وعلى نهج ثابت لا يتغير، وكل ذلك بتقدير العزيز العليم.
أما ما تدعون من دونه من الأصنام والأوثان فلا يملكون شروى نقير، ولا يسمعون لكم دعاء، ولا يستجيبون لدعوة، ويوم القيامة يتبرءون منكم إذا دعوتموهم واستشفعتم بهم، ولا ينبئك بهذا إلا الخبير وهو ربك العليم بما كان وما سيكون.
الإيضاح
(وَ ما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ) أي وما يعتدل البحران فيستويان : أحدهما عذب سائغ شرابه يجرى في الأنهار السارحة بين الناس من كبار وصغار بحسب الحاجة إليها في الأقاليم والأمصار. وثانيهما ملح ساكن تسير فيه السفن الكبار (وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا) أي ومن كل البحار تأكلون السمك الغض الطرىّ فضلا من اللّه ومنة.
(وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) أي وتستخرجون الدر والمرجان من الملح الأجاج ومن العذب الفرات، وتجرى السفن في كل منهما تشقه شقا بحيازيمها حين جريها، مقبلة مدبرة حاملة أقواتكم من بلد إلى آخر، فتدفع عنكم المخمصة وتسدّ العوز.
لعلكم تشكرونه سبحانه على تسخيرها لكم، تتصرفون فيها كيف شئتم، وتذهبون فيها إن أردتم.
ولما كان بين الفلك في البحر والشمس والقمر في مدارهما مناسبة، فإن كلا منهما سارح في تلك العوالم الشاسعة - أردفه ذكر الليل والنهار وتسخير الشمس والقمر فقال :
(يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) أي يدخل الليل في النهار فيكون