ج ٢٢، ص : ١١٩
لا تجزى نفس عن نفس شيئا، ولا تستطيع دفع ضر عنها ولو كانت ذات قرابة منها، ثم أرشد إلى أن البشارة والإنذار إنما تجدى نفعا لدى من يخشى اللّه ويخاف عقابه، وأن من يتزكى فنفع ذلك عائد إليه، وإلى اللّه عاقبة الأمور كلها ومردّها إليه.
الإيضاح
(يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ، وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) أي أنتم أيها العباد أولو الحاجة والفقر إلى خالقكم ورازقكم، فإياه فاعبدوا، وإلى رضاه فسارعوا، وهو الغنى عن عبادتكم وعن غيرها، وهو المحمود على نعمه، فكل نعمة بكم وبسواكم فهى منه، فله الحمد والشكر على كل حال.
والخلاصة - أنتم في حاجة إليه وهو ذو الغنى وحده لا شريك له، والمحمود فى جميع ما يقول ويفعل ويشرع لكم ولغيركم من الأحكام.
ثم أرشد إلى غناه وإلى قدرته الكاملة بقوله :
(إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَما ذلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ) أي إن يشأ ربكم أن يهلككم أهلككم، لأنه هو الذي أنشأكم من غير حاجة به إليكم، ويأت بخلق سواكم يطيعونه ويأتمرون بأمره وينتهون عما نهاهم عنه، وما ذلك بصعب على اللّه الخالق لجميع عباده، بل هو يسير هيّن عليه.
وليس بخاف ما في هذا من تهديد ووعيد، وزجر وتأنيب.
ثم أخبر عن أحوال يوم القيامة وأهوالها وشدائدها بقوله :
(وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ) أي ولا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى، بل تحمل كل نفس وزرها فحسّب، ولا تنافى بين هذا وما جاء في سورة العنكبوت من قوله سبحانه :« وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ » فإن هذا في الضالين المضلين وهم يحملون إثم إضلالهم مع إثم ضلالهم، وكل ذلك آثامهم لا آثام غيرهم.