ج ٢٢، ص : ١٢٢
الدالة على صدقهم فيما يدعون، والزبر : واحدها زبور وهو الكتاب، النكير : الإنكار بالعقوبة..
المعنى الجملي
بعد أن بين سبحانه طريق الهدى وطريق الضلالة وذكر أن المستعد للإيمان قد اهتدى بهدى النذير، والجاحد المعاند قسا قلبه ولم يستفد من هديه - ضرب مثلا به تنجلى حاليهما، ثم ذكر أن الهداية بيد اللّه يمنحها من يشاء، وأن هؤلاء المشركين كالموتى لا يسمعون نصيحة ولا يهتدون بعظة، وأن اللّه لم يترك أمة سدى، بل أرسل الرسل فمنهم من أجاب دعوة الداعي ونجا، ومنهم من استكبر وعصى، وكانت عاقبته الوبال والنكال في الدنيا والنار في العقبى.
الإيضاح
(وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ. وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ) أي وما يستوى الأعمى عن دين اللّه الذي ابتعث به نبيه صلّى اللّه عليه وسلم، والبصير الذي قد أبصر فيه رشده فاتبع محمدا صلّى اللّه عليه وسلم وصدّقه وقبل عن اللّه ما ابتعثه به، وما تستوى ظلمات الكفر ونور الإيمان ولا الثواب والعقاب.
ثم ضرب مثلا آخر لهما فقال :
(وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ) أي وما يستوى أحياء القلوب بالإيمان باللّه ورسوله ومعرفة كتابه وتنزيله، وأموات القلوب بغلبة الكفر عليها حتى صارت لا تعقل عن اللّه أمره ونهيه ولا تفرق بين الهدى والضلال، وكل هذه أمثال ضربها اللّه للمؤمن والإيمان والكافر والكفر.
ونحو الآية قوله :« أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها ؟ » وقوله :« مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلًا ؟ ».