ج ٢٢، ص : ٥٩
(لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) أي ببعثهم من قبورهم يوم القيامة، ليثيب الذين آمنوا باللّه وعملوا بما أمرهم به وانتهوا عما نهاهم عنه وأولئك لهم مغفرة لذنوبهم من لدنه، وعيش هنىء في الجنة لا تعب فيه ولا منّ عليه، والخلاصة - إن الحكمة تقتضى وجودها، وليس هناك مانع منها، فالعلم المحيط بالغيب موجود، فقد وجد المقتضى لوجودها، وارتفع المانع من إتيانها.
(وَ الَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ) أي وليجزى الذين سعوا في إبطال أدلتنا وحججنا عنادا منهم وكفرا، وظنوا أنهم يسبقوننا بأنفسهم فلا نقدر عليهم بشديد العذاب في جهنم وبئس المهاد، لما اجترحوا من السيئات ودسّوا به أنفسهم من قبيح الأعمال.
وإجمال ذلك - إن الساعة آتية لا محالة، لينعم السعداء المؤمنون، ويعذّب الأشقياء الكافرون.
ونحو الآية قوله :« أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ » وقوله :« لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ ».
ثم استشهد باعتراف أولى العلم ممن آمن من أهل الكتاب كعبد اللّه بن سلام وكعب وأضرابهما بصحة ما أنزل إليك، ليردّ به على أولئك الجهلة الساعين في الآيات الذين أنكروا الساعة فقال :
(وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ) أي وقال الجهلة المنكرون للبعث والحشر والحساب - إنه لا رجعة بعد هذه الدنيا وقال العالمون من أهل الكتاب ومن أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ومن يأتى من بعدهم من أمته : إن الذي أنزل إليك من ربك مثبتا لقيام الساعة ومجازاة كل عامل بما عمل من خير أو شر - هو الحق الذي لا شك فيه، وأنه هو الذي