ج ٢٢، ص : ٨٠
محق، وقد قام الدليل على التوحيد فدل على بطلان ما أنتم عليه من الشرك، وأن يقول لهم : لا تؤاخذون بما نعمل ولا نؤاخذ بما تعملون، وأن يقول لهم : إن ربنا هو الذي يحكم بيننا يوم القيامة وهو الحكيم العليم بجلائل الأمور ودقائقها، وأن يقول لهم :
أعلمونى عما ألحقتم به من الشركاء، هل يخلقون وهل يرزقون ؟ كلا بل اللّه هو الخالق الرازق الغالب على أمره، الحكيم في كل ما يفعل.
الإيضاح
(قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ؟ ) أي قل أيها الرسول لهؤلاء المشركين بربهم الأوثان والأصنام : من يرزقكم من السموات بإنزال الغيث عليكم، حياة لحروثكم وصلاحا لمعايشكم، وتسخير الشمس والقمر والنجوم لمنافعكم - ومن الأرض بإخراج أقواتكم وأقوات أنعامكم ؟
فإن هم قالوا لا ندرى فأجبهم :
(قُلِ اللَّهُ) هو الذي يرزقكم، إذ لا جواب عندهم سواه في قرارة أنفسهم، إلا أنهم ربما أبوا أن يتكلموا به عنادا مع علمهم بصحته، ولأنهم لو تفوّهوا به لقيل لهم :
فما لكم لا تعبدون من يرزقكم وتؤثرون عليه من لا يقدر على الرزق ؟ كما قال سبحانه تبكيتا لهم :« قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا ؟ ».
ثم أمر رسوله أن يقول لهم بعد الإلزام الذي ليس بأقل من الاعتراف بأنفسهم.
(وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) أي وإن أحد الفريقين منا معشر الذين يوحدون الرزاق لمن في السموات والأرض، ويفردونه بالعبادة، والذين يشركون به الجماد العاجز عن دفع الضر وجلب النفع - لعلى الهدى أو في الضلال البين الذي لا شك فيه.