ج ٢٢، ص : ٨٥
عليه من أمور الغيب التي تتصل بالآخرة من بعث وحساب وجزاء.
روى أن كفار مكة سألوا أهل الكتاب عن وصف الرسول صلّى اللّه عليه وسلم فأخبروهم أنهم يجدون صفته في كتبهم فأغضبهم ذلك وقالوا ما قالوا :
ثم ذكر ما يكون من حوار بين ضاليهم ومضليهم حين الوقوف بين يدى الملك الديان للحساب والجزاء فقال :
(وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ) أي ولو ترى أيها الرسول حال أولئك الكافرين وما هم فيه من مهانة وذلّة، يحاور بعضهم بعضا، ويتلاومون على ما كان بينهم من سوء الأعمال، والسبب فيمن أوقعهم في هذا النكال والوبال - لرأيت العجب العاجب، والمنظر المخزى الذي يستكين منه المرء خجلا ثم فصل ذلك الحوار فقال :
(يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ) أي يقول الأتباع للذين استكبروا في الدنيا واستتبعوهم في الغى والضلال، لو لا أنتم أيها السادة صدد نمونا عن الهدى لكنا مؤمنين بما جاء به الرسول.
ثم حكى سبحانه رد الرؤساء عليهم بقوله :
(قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا : أَنَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الْهُدى بَعْدَ إِذْ جاءَكُمْ ؟ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ) أي قال الذين استكبروا في الدنيا وصاروا رؤساء في الكفر والضلالة للذين استضعفوا فكانوا أتباعا لأهل الضلال منهم : أ نحن منعناكم من اتباع الحق بعد أن جاءكم من عند اللّه ؟ بل أنتم منعتم أنفسكم حظها بإجرامكم وإيثاركم الكفر على الإيمان.
والخلاصة - إننا لم نحل بينكم وبين الإيمان لو صممتم على الدخول فيه، بل كنتم مجرمين، فمنعكم إيثاركم الكفر على الإيمان من اتباع الهدى.
ثم حكى رد المستضعفين على قول المستكبرين بقوله :