ج ٢٣، ص : ١٤٢
الْعالَمِينَ. نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ. عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ. بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ »
وجاء في قوله :« وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ. لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ».
وبعد أن بيّن شأن المنزل وأنه من عند اللّه - ذكر ما اشتمل عليه ذلك المنزّل من الحق والعدل فقال :
(إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ) أي إنا أنزلنا إليك القرآن أيها الرسول آمرا بالحق والعدل الواجب اتباعهما والعمل بهما.
ثم أمر رسوله بعبادته والإخلاص له فقال :
(فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ) أي فاعبده تعالى ممحّضا له العبادة من شوائب الشرك والرياء بحسب ما أنزل في تضاعيف كتابه، على لسان أنبيائه من تخصيصه وحده بالعبادة وأنه لا ندّ له ولا شريك.
ثم أكّد هذا الأمر بقوله :
(أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ) أي ألا للّه العبادة والطاعة وحده لا شركة لأحد معه فيها، لأن كل ما دونه ملكه، وعلى المملوك طاعة مالكه،
وفي حديث الحسن عن أبى هريرة « أن رجلا قال : يا رسول اللّه إنى أتصدق بالشيء وأصنع الشيء أريد به وجه اللّه وثناء الناس. فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : والذي نفس محمد بيده، لا يقبل اللّه شيئا شورك فيه، ثم تلا :(أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ) ».
وبعد أن أبان أن رأس العبادة الإخلاص للّه - أعقب ذلك بذم طريق المشركين فقال :
(وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى ) أي والذين اتخذوا من دون اللّه أولياء يعبدونهم، يقولون ما نعبدهم إلا ليقربونا عند اللّه منزلة ويشفعوا لنا عنده في حاجتنا.


الصفحة التالية
Icon