ج ٢٣، ص : ١٤٧
ثم يكون مضغة، ثم يكون لحما وعظما وعصبا، وينفخ فيه الروح فيصير خلقا آخر، فتبارك اللّه أحسن الخالقين.
(فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ) أي في ظلمات أغشية ثلاثة جعلها المولى سبحانه وقاية للولد وحفظا له من التعفن، قال الدكتور عبد العزيز باشا إسماعيل في كتابه [الإسلام والطب الحديث ] : يعلمنا القرآن أن الجنين له ثلاثة أغشية سماها ظلمات : هى الغشاء المنبارى، والخربون، والغشاء اللفانفى، وهى لا تظهر إلا بالتشريح الدقيق، وتظهر كأنها غشاء واحد بالعين المجردة ا ه.
وبعد أن ذكر هذه الأفعال العجيبة ذكر موجدها ومنشئها فقال :
(ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ) أي ذلكم العظيم الشأن الذي عددت أفعاله - هو اللّه مربيكم فيما ذكر من الأطوار وفيما بعدها، المستحق لتخصيص العبادة به سبحانه (لَهُ الْمُلْكُ) على الإطلاق في الدنيا والآخرة.
(لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) أي لا تنبغى العبادة إلا له وحده لا شريك له.
(فَأَنَّى تُصْرَفُونَ ؟ ) أي فكيف تصرفون عن عبادته تعالى مع وفور موجباتها ودواعيها، وانتفاء ما يصرف عنها - إلى عبادة غيره سبحانه من غير داع إليها مع كثرة ما يصرف عنها.
والخلاصة - كيف تعبدون معه سواه ؟ أين ذهبت عقولكم ؟ وكيف ضاعت أحلامكم ؟.
[سورة الزمر (٣٩) : الآيات ٧ الى ٨]
إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٧) وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلاً إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ (٨)