ج ٢٣، ص : ١٦٠
أمره، وعاقبة عمله، وبعدئذ ذكر أن هؤلاء المشركين ليسوا بدعا في الأمم، فلقد كذّب كثير قبلهم، فأتاهم العذاب بغتة من حيث لا يشعرون، فأصيبوا في الدنيا بالذل والصغار والقتل والخسف، ولعذاب الآخرة أشد نكالا ووبالا، ثم ذكر أن القرآن قد ضرب الأمثال للناس بلسان عربى مبين لعلهم يرعوون ويزدجرون.
الإيضاح
(أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ ؟ ) أي أ فمن دخل نور الإسلام قلبه وانشرح صدره له، لما رأى فيه من البدائع والعجائب المهيئة للحكمة، الممهدة لقبول الحق والموصلة إلى الرشاد - كمن طبع على قلبه لغفلته وجهالته ؟ وقد روى أن علامة ذلك الانشراح الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت، قبل حلول الموت.
والخلاصة - هل يستوى من أنار اللّه بصيرته ومن هو قاسى القلب بعيد من الحق ؟
ونحو الآية قوله :« أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها ».
قال ابن عباس : من شرح اللّه صدره للاسلام أبو بكر الصديق رضى اللّه عنه،
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال :« تلا النبي صلّى اللّه عليه وسلم هذه الآية فقلنا يا نبى اللّه : كيف انشراح صدره ؟ قال إذا دخل النور القلب انشرح وانفسح، قلنا فما علامة ذلك يا رسول اللّه ؟ قال : الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والتأهب للموت قبل نزول الموت ». وأخرج الترمذي عن ابن عمر « أن رجلا قال يا رسول اللّه : أىّ المؤمنين أكيس ؟ قال أكثرهم ذكرا للموت، وأحسنهم له استعدادا، وإذا دخل النور في القلب انفسح واستوسع، فقالوا : ما آية ذلك


الصفحة التالية
Icon