ج ٢٣، ص : ٨٧
(ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ؟ ) أي أما لكم عقول تتدبرون بها ما تقولون، وتتفكرون فى صحة ما تعتقدون ؟ فالعقل يقضى ببطلان مثل هذا.
(أَفَلا تَذَكَّرُونَ ؟ ) فتعرفوا خطأ ما تعتقدون، وترجعوا على أنفسكم باللائمة فيما تقولون.
ثم زاد في تأنيبهم وتقريهم وطالبهم ببرهان من النقل يؤيد صحة ما يدعون فقال :
(أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ ؟ فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أي بل أ لكم حجة واضحة على هذا نزل بها وحي ؟ إن كان الأمر هكذا فأرونى كتابكم الذي يؤيد ما تقولون إن كنتم صادقين.
ولا يخفى ما في هذه الآيات من الدلالة على السخط العظيم، والإنكار الشديد لأقاويلهم، وتسفيه أحلامهم، مع الاستهزاء بهم، والتعجيب من جهلهم.
ثم ذكر أن هذه العقيدة ستؤدى بهم إلى ما لا ينبغى أن قال فقال :
(وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً) المراد بالجنة الملائكة، وسموا جنّا لاجتنانهم واستتارهم عن العيون، أي وجعلوا بينه وبين الملائكة مشاكلة ومناسبة، فقالوا الملائكة بنات اللّه.
ثم ذكر أنهم سيندمون على مقالتهم هذه فقال :
(وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) أي ولقد علمت الملائكة الذين ادعى المشركون أن بينه تعالى وبينهم نسبا - إن هؤلاء المشركين محضرون إلى النار ومعذبون فيها لكذبهم وافترائهم في قيلهم هذا.
قال مجاهد ومقاتل : القائل ذلك هم كنانة وخزاعة، قالوا إن اللّه خطب إلى سادات الجن فزوجوه من سروات بناتهم، فالملائكة بنات اللّه من سروات بنات الجن، وقال الحسن : أشركوا الشيطان في عبادة اللّه، فهو النسب الذي جعلوه، وقال الكلبي وقتادة : قالت اليهود - لعنهم اللّه - : إن اللّه صاهر الجن فكانت الملائكة من بينهم.


الصفحة التالية
Icon