ج ٢٣، ص : ٨٩
فى حكم اللّه أنه من أهل النار وأنه لا محالة واقع فيها، ثم حكى اعتراف الملائكة بالعبودية تنبيها إلى فساد قول من ادعى أنهم أولاد اللّه.
الإيضاح
(فَإِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ. ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ. إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ) أي فإنكم أيها المشركون مع معبوديكم من الأوثان والأصنام لا يتسهل لكم أن تفتنوا إلا من هو ضالّ مثلكم، ومن كتب له أنه من أصحاب النار فهو لا محالة يكبكب فيها، قال لبيد ابن ربيعة فأحسن :
أحمد اللّه فلا ندّ له بيديه الخير ما شاء فعل
من هداه سبل الخير اهتدى ناعم البال ومن شاء أضلّ
ثم حكى سبحانه اعتراف الملائكة بالعبودية لربهم فقال :
(وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) أي وإن لكل منا مرتبة لا يتجاوزها في العبادة والانتهاء إلى أمر اللّه تعالى خضوعا لعظمته، وخشوعا لهيبته، وتواضعا لجلاله كما
روى فى الخبر « فمنهم راكع لا يقيم صلبه، وساجد لا يرفع رأسه ».
(وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ) أي وإنا لنقف صفوفا في أداء الطاعات، ومنازل الكرامات، لكل منا منزلة لا يعدوها، ومرتبة لا يتخطاها.
وفي صحيح مسلم عن جابر بن سمرة قال :« خرج علينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ونحن في المسجد فقال : ألا تصفّون كما تصفّ الملائكة عند ربها، فقلنا : يا رسول اللّه كيف تصفّ الملائكة عند ربها ؟
قال : يتمّون الصفوف الأول ويتراصّون في الصف »

وكان عمر يقول إذا قام للصلاة :
أقيموا صفوفكم واستووا، إنما يريد اللّه بكم هدى الملائكة عند ربها ويقرأ :
« وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ » تأخر يا فلان، تقدم يا فلان، ثم يتقدم فيكبّر.
(وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ) أي وإنا لننزه اللّه تعالى عما لا يليق به، فنحن عبيد له، فقراء إليه، خاضعون لأوامره.


الصفحة التالية
Icon