ج ٢٤، ص : ١٠٦
وقصارى ما يقولون : إن قلوبهم نابية عن إدراك ما جئت به من الحق وتقبّله واعتقاده، كأنها في غلف وأغطية تمنع من نفوذه فيها، وأسماعهم لا يدخل إليها شىء منه، كأن بها صمما، ولتباعد الدينين وتباعد الطريقين كان بينهم وبين رسول اللّه حجاب كثيف، وحاجز منيع.
ثم بارزوه بالخلاف وشن الغارات الجدلية بما لم يبق بعده مجال للوفاق فقالوا :
(فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ) أي فاعمل في إبطال أمرنا جهد طاقتك، ونحن نعمل جاهدين في فض الناس من حولك وتشتيت شمل من آمن بك حتى تبطل دعوتك.
[سورة فصلت (٤١) : الآيات ٦ الى ٨]
قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (٦) الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ (٧) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٨)
تفسير المفردات
فاستقيموا إليه : أي فأخلصوا له العبادة، ويل : أي هلاك، لا يؤتون الزكاة :
أي لا يتصدقون بجزء من مالهم للسائل والمحروم، ممنون : أي مقطوع من قولهم مننت الحبل إذا قطعته، ومنه قول ذى الإصبع :
إنى لعمرك ما بابى بذي غلق على الصديق ولا خيرى بممنون
المعنى الجملي
بعد أن ذكر المشركون الأسباب التي تحول بينهم وبين قبول دعوته - أمر رسوله أن يجيب عن كلامهم بأنه لا يقدر على جبرهم على الإيمان وحملهم عليه قسرا،


الصفحة التالية
Icon