ج ٢٤، ص : ١٣٣
على تحمل المكاره وتجرّع الشدائد وكظم الغيظ وترك الانتقام، فإن ذلك يشق على النفوس، ويصعب احتماله في مجرى العادة إلا من عصم اللّه.
وقال أنس في تفسير ذلك : الرجل يشتمه أخوه فيقول : إن كنت صادقا غفر اللّه لى، وإن كنت كاذبا غفر اللّه لك.
(وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) أي وما يتقبلها إلا ذو نصيب وافر من السعادة فى الدنيا والآخرة.
قال قتادة : الحظ العظيم الجنة، أي وما يلقاها إلا من وجبت له الجنة.
ثم ذكر طريقا لمنع تهييج الشر ودفع الغضب إذا بدت بوادره فقال :
(وَ إِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) أي وإن وسوس إليك الشيطان ليحملك على مجازاة المسيء فاستعذ باللّه من كيده وشره، واعتصم من خطراته، إنه هو السميع لا ستعاذتك منه، واستجارتك به من نزغاته ولغير ذلك من كلامك وكلام غيرك، العليم بما ألقى في روعك من نزغاته، وحدّثتك به نفسك، وما قصدت من صلاح، ونويت من إحسان.
ومن شياطين الإنس من يفعل مثل هذا، فيصرف عن الدفع بالتي هى أحسن، فيقول لك : إن فلانا عدوك الذي فعل بك كيت وكيت، فانتهز الفرصة، وخذ ثأرك منه لتعظم في عينه وأعين الناس، ولا يظننّ فيك العجز وقلة الهمة وعدم المبالاة إلى نحو أولئك من العبارات المثيرة للغضب التي ربما لا تخطر ببال شياطين الجن - نعوذ باللّه من شر كل شيطان.
والخلاصة - إن صرفك الشيطان عما شرعت فيه من الدفع بالحسنى، فاستعذ باللّه من شره، وامض لشأنك. ولا تطعه.