ج ٢٤، ص : ٤
المعنى الجملي
بعد أن ذكر فيما سلف بعض هنات المشركين، وبعض مقابحهم وأعقبه بمثل يشرح حالهم - أردف ذلك نوعا آخر منها، وهو أنهم يكذبون فيثبتون للّه ولدا ويثبتون له شركاء، ويكذّبون القائل المحق، فيكذبون محمدا بعد قيام الأدلة القاطعة على صدقة، وبعد أن ذكر وعيد هؤلاء أعقبه بوعد الذي جاء بالصدق، ووعد المصدقين له، فذكر أن اللّه يؤتيهم من فضله الثواب، ويمنع عنهم العقاب.
الإيضاح
(فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ) أي لا أحد يبلغ ظلمه ظلم من افترى على اللّه الكذب، فجعل معه آلهة أخرى، أو ادعى أن الملائكة بنات اللّه، وهو أيضا كذّب بالحق الذي جاء به رسوله من دعاء الناس إلى التوحيد، وأمرهم بالقيام بفرائض الشرع ونهيهم عن محرماته وإخبارهم بالبعث والنشور.
وفي قوله (إِذْ جاءَهُ) بيان لأنهم كذّبوا به من غير وقفة ولا إعمال رويّة بتمييز بين حق وباطل كما يفعل أهل النّصفة فيما يسمعون.
وبعد أن ذكر حالهم أردفه وعيدهم فقال :
(أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ) أي أليس في النار مأوى ومسكن لمن كفروا باللّه وأبوا تصديق رسوله وامتنعوا عن اتباعه فيما يدعو إليه من التوحيد والشرائع التي أنزلها عليه.
وخلاصة هذا - ألا يكفيهم ذلك جزاء على أعمالهم.
وبعد أن ذكر حال المكذبين ووعيدهم أردفه ذكر الصادقين المصدقين، ومدحهم على ما فعلوا فقال :
(وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) أي والذي جاء بالصدق


الصفحة التالية
Icon