ج ٢٤، ص : ٤٨
المنكرات، واجعل بينهم وبين عذاب الجحيم وقاية بأن تلزمهم الاستقامة، وتتم نعمتك عليهم، فإنك وعدت من كان كذلك بالبعد عن هذا العذاب، ولا يبدّل القول لديك.
قال مطرّف بن عبد اللّه : وجدنا أنصح عباد اللّه لعباد اللّه الملائكة، ووجدنا أغش عباد اللّه لعباد اللّه الشيطان، وتلا هذه الآية.
وقال خلف بن هشام البزّار القارئ : كنت أقرأ على سليم بن عيسى، فلما بلغت « وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا » بكى، ثم قال يا خلف : ما أكرم المؤمن على اللّه، يكون نائما على فراشه والملائكة يستغفرون له.
(رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ) أي ربنا وأدخلهم الجنات التي وعدتهم إياها على ألسنة رسلك، وأدخل معهم في الجنة الصالحين من الآباء والأزواج والذرية، لتقرّبهم أعينهم، فإن الاجتماع بالأهل والعشيرة في موضع السرور يكون أكمل للبهجة وأتم للأنس.
قال سعيد بن جبير : يدخل الرجل الجنة فيقول يا رب أين أبى وجدي وأمي ؟
وأين ولدي وولد ولدي ؟ وأين زوجاتى ؟ فيقال إنهم لم يعملوا كعملك، فيقول : يا رب كنت أعمل لى ولهم، فيقال أدخلوهم الجنة، ثم تلا :« الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ » إلى قوله :« وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ » ويقرب من هذه الآية قوله :« وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ».
(إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) أي أنت الغالب الذي لا يمتنع عليه مقدور، الحكيم الذي لا يفعل إلا ما تقتضيه الحكمة من الأمور.
ثم عمموا في الدعاء لهم بأن يمنع عنهم العقوبات الدنيوية والأخروية فقالوا :
(وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ) أي واصرف عنهم سوء عاقبة سيئاتهم التي كانوا قد أتوها قبل توبتهم، ولا تؤاخذهم بذلك فتعذبهم بها.