ج ٢٤، ص : ٨٨
وعن أنس بن مالك قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم « الدعاء مخ العبادة » أخرجه الترمذي،
وعن ابن عباس قال :« أفضل العبادة الدعاء » وقرأ هذه الآية،
وأخرج البخاري في الأدب عن عائشة قالت « سئل النبي صلّى اللّه عليه وسلم أي العبادة أفضل ؟ فقال : دعاء المرء لنفسه ».
ثم صرح سبحانه بأن المراد من الدعاء العبادة فقال :
(إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ) أي إن الذين يتعظمون عن إفرادى بالعبادة وإفرادى بالألوهة سيدخلون جهنم صاغرين أذلاء.
وفي هذا وعيد شديد لمن استكبر عن دعاء اللّه، وفيه لطف بعباده عظيم، وإحسان إليهم كبير، من حيث توعد من ترك طلب الخير منه، واستدفاع الشر بالدعاء بهذا الوعيد البالغ، وعاقبه بهذه العقوبة الشديدة، فيا عباد اللّه وجهوا رغباتكم إليه، وعوّلوا فى كل مطالبكم على من أمركم بتوجيهها إليه، وأرشدكم إلى التوكل عليه، وكفل لكم الإجابة بإعطاء مطالبكم، وحصول رغباتكم، فهو الكريم الجواد الذي يجيب دعوة الداعي إذا دعاه، ويغضب على من لم يطلب من فضله العظيم، وملكه الواسع ما يحتاج إليه من أمور الدين والدنيا.
ولما أمر بالدعاء، والاشتغال به لا بد أن يسبق بمعرفة المدعوّ - ذكر الدليل عليه بذكر بعض نعمه فقال :
(١) (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ) أي إن اللّه الذي لا تصلح الألوهة إلا له، ولا تنبغى العبادة لغيره - هو الذي جعل الليل للسكون والاستراحة من الحركة والتردد في طلب المعاش والحصول على ما يفى بحاجات الحياة.
(٢) (وَالنَّهارَ مُبْصِراً) أي وجعل النهار مضيئا بشمسه ذات البهجة والرواء، لتتصرفوا فيه بالأسفار، وجوب الأقطار، والتمكن من مزاولة الصناعات، ومختلف التجارات.