ج ٢٥، ص : ١٢٧
ربكم فخلوا سبيلى ولا ترجمونى باللسان ولا باليد، ودعوا الأمر بينى وبينكم مسالمة إلى أن يقضى اللّه بيننا..
ولما طال مقامه صلّى اللّه عليه وسلّم بين أظهرهم، وأقام حجج اللّه عليهم، ولم يزدهم ذلك إلا كفرا وعنادا دعا عليهم، وإلى ذلك أشار بقوله :
(فَدَعا رَبَّهُ أَنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ) أي فدعا ربه إذ كذبوه ولم يؤمنوا به ولم يؤدوا إليه عباد اللّه وهموا بقتله : بأن هؤلاء قوم مشركون بك مكذبون لرسلك.
ونحو الآية قوله :« وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوالًا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا، رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ، رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ. قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما فَاسْتَقِيما ».
وحينئذ أمره اللّه أن يخرج ببني إسرائيل من بين أظهرهم بلا أمر فرعون ولا مشورته، وإلى ذلك أشار بقوله :
(فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلًا) أي فسر ببني إسرائيل ومن آمن معك من القبط ليلا.
ثم علل السّرى ليلا فقال :
(إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ) أي إن فرعون وقومه سيتبعونكم إذا علموا بخروجكم، ومسيركم ليلا يؤخر علمهم بذلك، فلا يدركونكم.
ونحو الآية قوله تعالى :« وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً. لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى ».
(وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ) أي وإذا قطعت البحر أنت وأصحابك فاتركه ساكنا على حاله التي كان عليها حين دخلته حتى يدخله فرعون وقومه فيغرقوا فيه.