ج ٢٥، ص : ١٣٣
كما
جاء فى الحديث القدسي « كنت كنزا مخفيا فأردت أن أعرف، فخلقت الخلق فبى عرفونى ».
(وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) أي ولكن أكثر هؤلاء المشركين باللّه لا يعلمون ذلك، فهم لا يخافون من سخطه عقوبة لهم على ما اجترحوا من السيئات، ولا يرجون ثوابا على خير فعلوه لتكذيبهم بالميعاد والعودة إلى دار أخرى بعد هذه الدار.
وخلاصة ما تقدم - إن هؤلاء لقلة تدبرهم لا يعتقدون أن الأمر كذلك، وهم واهمون فيما يظنون، إذ لو لم توجد دار للجزاء لما امتاز مطيع من عاص، ولا محسن من مسىء، والعقل قاض بغير هذا.
ثم أكد ما سلف بقوله :
(إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ) أي إن هذا اليوم الذي يفصل اللّه فيه بين خلقه، فيحق الحق، ويبطل الباطل، لآت لا محالة وهو وقت حسابهم، وجزائهم على ما كسبت أيديهم من خير أو شر.
ونحو الآية قوله :« لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ » وقوله :« إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً ».
م وصف أهوال هذا اليوم فقال :
(يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) أي إن هذا يوم تنقطع فيه الأسباب بابن آدم فلا تنفع الناس إلا أعمالهم، فمن أصاب خيرا فى دنياه سعد به، ومن أصاب شرا شقى به، ولا يغنى القريب عن القريب، ولا يدفع عنه شيئا من عذاب اللّه، ولا يجد الناصر الذي يقيه ذلك العذاب.
وقصارى ذلك - لا يفيد المؤمن الكافر ولا ينصره ولو كان بينهما فى الدنيا علقة من قرابة أو صداقة أو غيرهما.