ج ٢٥، ص : ١٤
أي بموكول إليك أمورهم حتى تؤاخذهم بها ولا وكل إليك هدايتهم، وإنما عليك البلاغ فحسب.
المعنى الجملي
بين سبحانه أن ما جاء فى هذه السورة موافق لما فى تضاعيف الكتب المنزلة على سائر الرسل، من الدعوة إلى التوحيد، والإيمان باليوم الآخر، والتزهيد فى جمع حطام الدنيا، والترغيب فيما عند اللّه، ثم ذكر أن ما فى السموات والأرض فهو مهلكه وتحت قبضته، وله التصرف فيه إيجادا وإعداما وتكوينا وإبطالا، وأن السموات والأرض على عظمهما تكاد تتشقق فرقا من هيبته وجلاله سبحانه، وأن الملائكة ينزهونه عما لا يليق به من صفات النقص، ويطلبون المغفرة لعباده المؤمنين، ثم أردف هذا تسلية رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم بأنه ليس بالرقيب على عبدة الأصنام والأوثان يستطيع أن يردهم إلى سواء السبيل، بل ليس عليه إلا البلاغ وعلينا حسابهم، فلا يبخع نفسه عليهم حسرات، إن اللّه عليم بما يصنعون.
الإيضاح
(كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) أي بمثل ما فى هذه السورة، من الدعوة إلى التوحيد، والنبوة، والإيمان باليوم الآخر، وتجميل النفس بفاضل الأخلاق، وإبعادها عن رذائل الخلال، والعمل على سعادة المرء والمجتمع، يوحى إليك اللّه العزيز فى ملكه، الغالب بقهره، الحكيم بصنعه، المصيب فى قوله وفعله، كما أوحى إلى الأنبياء بمثله من قبلك.
وسيأتى تفصيل هذا فى سورة « سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى » فقد ذكر فى أولها التوحيد، وفى وسطها النبوة وفى آخرها المعاد. ثم قال :« إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى. صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى » أي إن المقصود من إنزال جميع الكتب الإلهية ليس إلا هذه


الصفحة التالية
Icon