ج ٢٥، ص : ١٥٦
فخالف هواها واعصها إنّ من يطع هوى نفسه ينزع به شرّ منزع
ومن يطع النفس اللجوجة تزده وترم به فى مصرع أىّ مصرع
وقال البوصيرى فى بردته :
وخالف النفس والشيطان واعصهما وإن هما محّضاك النصح فاتّهم
وقال ابن عباس : ما ذكر اللّه هوى فى القرآن إلا ذمّه، قال تعالى « وَاتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ » وقال :« وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً » وقال « وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ».
وروى عبد اللّه بن عمرو بن العاص عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم « لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به »
وقال أبو أمامة : سمعت النبي صلّى اللّه عليه وسلم يقول « ما عبد تحت السماء إله أبغض إلى اللّه من الهوى »
وروى شدّاد بن أوس عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم « الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والفاجر من أتبع نفسه هواها وتمنى على اللّه »
وعنه عليه الصلاة والسلام أنه قال « إذا رأيت شحّا مطاعا وهوى متّبعا ودنيا مؤثرة، وإعجاب كل ذى رأى برأيه فعليك بخاصة نفسك، ودع عنك أمر العامة »
وعنه أنه قال « ثلاث مهلكات، وثلاث منجيات، فالمهلكات شحّ مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه، والمنجيات خشية اللّه فى السر والعلن، والقصد فى الغنى والفقر، والعدل فى الرضا والغضب ».
وحسبك ذمّا لاتباع الهوى قوله تعالى :« وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى. فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى ».
(وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ) أي خذله فلم يجعله يسلك سبيل الرشاد، لأنه قد علم أنه لا يهتدى ولو جاءته كل آية، لما فى جوهر نفسه من الميل إلى ارتكاب الإجرام، واتباع الشهوات، فهو يوغل فى القبائح دون زاجر ولا وازع.


الصفحة التالية
Icon