ج ٢٥، ص : ٤
المعنى الجملي
بعد أن هدد الكافرين بأن جزاء كل عامل سيصل إليه يوم القيامة كاملا غير منقوص، إن خيرا فخير وإن شرا فشر - أردف ذلك بيان أن هذا اليوم لا سبيل للخلق إلى معرفته، فلا يعلمه إلا هو، وأن علم الحوادث المقبلة فى أوقاتها المعينة مما استأثر اللّه به، فلا يعلم أحد متى تخرج الثمر من الأكمام، ولا متى تحمل المرأة ولا متى تضع. ثم ذكر أنه سبحانه يوم القيامة ينادى المشركين تهكما وتقريعا لهم : أين شركائى الذين كنتم تزعمون ؟ فيجيبون : الآن لا نشهد لأحد منهم بالشركة فى الألوهية، وقد غابوا عنهم فلا يرجون منهم نفعا، ولا يفيدونهم خيرا، وأيقنوا حينئذ أن لا مهرب لهم من العذاب.
روى أن المشركين قالوا يا محمد إن كنت نبيا فخبرنا متى تقوم الساعة فنزلت الآية :
الإيضاح
(إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ) أي إذا سئل عنها أحد ردّ علمها إليه تعالى، فإنه لا يعلم متى قيامها سواه،
وقد جاء فى الحديث « أن جبريل عليه السّلام سأل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن الساعة فقال : ما المسئول عنها بأعلم من السائل ».
ونحو الآية قوله تعالى :« إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها » وقوله :« لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ».
وبعد أن ذكر أنه استأثر بعلم الساعة بين أنه اختص أيضا بعلم الغيب ومعرفة ما سيحدث فى مستأنف الأزمنة فقال :
(وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ) أي وما تبرز الثمرة من وعائها الذي هى مغلّفة به، وما تحمل أنثى ولا تضع ولدها إلا يعلم