ج ٢٥، ص : ٧٢
ثم دل على نفسه بذكر مصنوعاته فقال :
(١) (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) أي والعزيز العليم هو الذي مهد لكم الأرض وجعلها لكم وطاء تطئونها بأقدامكم، وتمشون عليها بأرجلكم، وجعل لكم فيها طرقا تنتقلون فيها من بلد إلى آخر، ومن إقليم إلى إقليم لمعاشكم ومتاجركم وابتغاء رزقكم.
والخلاصة - إن الخلق كلهم يتربّون على الأرض وهى موضع راحتهم كما يربى الصبى على مهده.
(٢) (وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ تُخْرَجُونَ) أي وهو الذي ينزل من السماء ماء بقدر الحاجة، فلا يجعله كثيرا حتى لا يكون عذابا كالصوفان الذي أنزل على قوم نوح، ولا قليلا لا يكفى النبات والزرع، لئلا تهلكوا جوعا، فتحيا به الأقاليم التي كانت خالية من النبات والشجر.
وكما أحيينا الأرض بعد موتها بالماء نحييكم ونخرجكم من قبوركم أحياء.
(٣) (وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها) أي وهو الذي خلق سائر الأصناف مما تنبت الأرض من نبات وأشجار وثمار وأزاهير، ومن الحيوان على اختلاف أجناسها وألوانها ولغاتها.
(٤) (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ) أي وهو الذي جعل لكم من السفن ما تركبونه فى البحار إلى حيث تقصدون لمعايشكم ومتاجركم، ومن الأنعام ما تركبونه فى البر كالخيل والبغال والحمير، ومما سيجدّ من وسائل المواصلات وطرق النّقلة برّا وبحرا كما جاء فى سورة النحل من قوله تعالى :« وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ ».
(لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ) أي لكى تستووا على ظهور ما تركبون من