ج ٢٥، ص : ٨٨
تفسير المفردات
يقال عشى فلان كرضى إذا حصلت له آفة فى بصره، وعشا : كغزا إذا نظر نظر العشىّ لعارض قال الحطيئة فى المحلّق الكلانى :
متى تأته تعشو إلى ضوء ناره تجد خير نار عندها خير موقد
أي تنظر إليها نظر العشى لما يضعف بصرك من كثرة الوقود واتساع الضوء، فالمراد هنا أنه يتعامى عن ذكر اللّه، نقيض له : أي نهيىء له ونضم إليه، والقرين :
الرفيق الذي لا يفارق، والمشرقين : أي المشرق والمغرب، وكثيرا ما تسمى العرب الشيئين المتقابلين باسم أحدهما، قال الفرزدق :
أخذنا بآفاق السماء عليكم لنا قمراها والنجوم الطوالع
يريد الشمس والقمر، بعد المشرقين : أي بعد أحدهما من الآخر، فإما نذهبن بك : أي فإن قبضناك وأمتناك، لذكر : أي لشرف عظيم، تسألون : أي عن قيامكم بما أوجه القرآن عليكم من التكاليف من أمر ونهى.
المعنى الجملي
بعد أن بين أن المال متاع الدنيا وهو عرض زائل، ونعيم الآخرة هو النعيم الدائم الذي أعده اللّه للمتقين - ذكر هنا أن من فاز بالمال والجاه صار كالأعشى عن ذكر اللّه وصار من جلساء الشياطين الضالين المضلين الذين يصدونه عن السبيل القويم، ويظن أنه مهتد، لأنه يتلقى من الشياطين ما يلائم أخلاقه فيألفه ولا ينكره، ثم ذكر أنه إذا جاء يوم القيامة تبرأ الكافر من الشيطان قرينه وقال له : ليت بينى وبينك بعد ما بين المشرقين، ثم أعقب هذا ببيان أن اشتراك الكافر مع قرينه الشيطان فى العذاب لا يخفف عنه شيئا منه، لاشتغال كل منهما بنفسه.
ثم ذكر لرسوله أن دعوته لا تؤثر فى قلوبهم، وقلما تجديهم المواعظ، فإذا أسمعتهم