ج ٢٥، ص : ٩٠
أخرج ابن أبى حاتم عن محمد بن عثمان المخزومي : أن قريشا قالت قيّضوا لكل رجل من أصحاب محمد رجلا يأخذه، فقيّضوا لأبى بكر طلحة بن عبيد اللّه، فأتاه وهو فى القوم فقال أبو بكر : إلام تدعونى ؟ قال : أدعوك إلى عبادة اللات والعزّى قال أبو بكر وما اللات ؟ قال : أولاد اللّه، قال : وما العزّى ؟ قال : بنات اللّه، قال أبو بكر :
فمن أمهم ؟ فسكت طلحة فلم يجبه، وقال لأصحابه أجيبوا الرجل، فسكت القوم، فقال طلحة : قم يا أبا بكر أشهد أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا رسول اللّه، فأنزل اللّه هذه الآية،
وثبت فى صحيح مسلم وغيره أن مع كل مسلم قرينا من الجن.
(وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ) أي وإن هؤلاء الشياطين الذين يقيضهم اللّه لكل من يعشو عن ذكر الرحمن ليحولنّ بينهم وبين سبيل الحق، ويوسوسنّ لهم أنهم على الجادّة وسواهم على الباطل، فيطيعنهم ويكرّهنّ إليهم الإيمان باللّه والعمل بطاعته.
ثم ذكر حال الكافر مع القرين يوم القيامة فقال :
(حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ) أي حتى إذا وافى الكافر يوم القيامة إلينا وعرض عليها أعرض عن قرينه الذي وكل به وتبرأ منه وقال : ليت بينى وبينك بعد ما بين المشرق والمغرب، فبئس القرين أنت أيها الشيطان، لأنك قد أضللتنى وأوصلتنى إلى هذا العذاب المهين، والخزي الدائم، والعيش الضنك، والمحل المقضّ المضجع.
ثم حكى ما سيقال لهم حينئذ توبيخا وتأنيبا فقال :
(وَ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) أي ولن ينفعكم فى هذا اليوم اشتراككم فى العذاب أنتم وقرناؤكم، كما كان ينفع فى الدنيا الاشتراك فى المهامّ الدنيوية، إذ يتعاونون فى تحمل أعبائها، ويتقاسمون شدتها وعناءها، فإن لكل منهم من العذاب ما لا تبلغه طاقته، ولا قدرة له على احتماله.