ج ٢٥، ص : ٩٣
وإن اللّه قلب العباد ظهرا وبطنا، فكان خير العرب قريش وهى الشجرة المباركة » ثم قال عدىّ ما رأيت رسول اللّه ذكرت عنده قريش بخير إلا سره حتى يتبين ذلك السرور فى وجهه للناس كلهم اه.
ونظير الآية قوله فى سورة الأنبياء « لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ » أي شرفكم، فالقرآن نزل بلسان قريش، وإياهم خاطب، فاحتاج أهل اللغات كلها إلى لسانهم وصاروا عيالا عليهم، حتى يقفوا على معانيه من أمر ونهى ونبإ وقصص وحكمة وأدب.
روى الترمذي عن معاوية رضى اللّه عنه قال : سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول :« إن هذا الأمر فى قريش لا ينازعهم فيه أحد إلا أكبّه اللّه تعالى على وجهه ما أقاموا الدين ».
وفى الآية إيماء إلى أن لذكر الجميل والثناء الحسن أمر مرغوب فيه، ولو لا ذلك ما امتن اللّه على نبيه محمد صلّى اللّه عليه وسلّم به، ولما طلبه إبراهيم عليه السّلام بقوله :
« وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ » وقال ابن دريد :
وإنما المرء حديث بعده فكن حديثا حسنا لمن وعى
وقال المتنبي :
ذكر الفتى عمره الثاني وحاجته ما فاته وفضول العيش أشغال
(وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) عن حقه وأداء شكر النعمة فيه.
وخلاصة ما سلف - إن القرآن نزل بلغة العرب، وقد وعد اللّه بنشر هذا الدين، وأبناء العرب هم العارفون بهذه اللغة، فهم الملزمون بنشرها ونشر هذا الدين للأمم الأخرى فمتى قصروا فى ذلك أذلهم اللّه فى الدنيا، وأدخلهم النار فى الآخرة، فعسى أن يقرأ هذا أبناء العرب ويعلموا أنهم هم المعلمون للأمم، فيبشروا هذا القرآن ويكتبوا المصاحف باللغة العربية، ويضعوا على هوامشها تفاسير بلغات مختلفة كالإنجليزية


الصفحة التالية
Icon