ج ٢٦، ص : ٩
أأموت أم أقتل كما قتل الأنبياء قبلى، ولا ما يفعل بكم، أ ترمون بالحجارة من السماء أم تخسف بكم الأرض، أم يفعل بكم غير ذلك مما عمل مع سائر المكذبين للرسل ؟
وإنى لا أعمل عملا ولا أقول قولا إلا بوحي من ربى، وما أنا إلا نذير، لا أستطيع أن آتى بالمعجزات والأخبار الغيبية، فالقادر على ذلك هو اللّه تعالى.
الإيضاح
(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ هذا سِحْرٌ مُبِينٌ) أي وإذا تتلى على هؤلاء المشركين حججنا التي أودعناها كتابنا الذي أنزلناه عليك قالوا : هذا خداع وتمويه يفعل فعل السحر فى قلب من سمعه.
ثم انتقل من هذه المقالة الشنعاء إلى ما هو أشنع منها فقال :
(أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ) أي دع هذا واسمع القول المنكر العجيب : إنهم يقولون إن محمدا افتراه على اللّه عمدا، واختلقه عليه اختلاقا.
وقد أمر اللّه رسوله أن يبطل شبهتهم بقوله :
(قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً) أي قل لهم : لو كذبت على اللّه، وزعمت أنه أرسلنى إليكم، ولم يكن الأمر كذلك لعاقبنى أشد العقاب، ولم يقدر أحد من أهل الأرض لا أنتم ولا غيركم أن يجيرنى منه، فكيف أقدم على هذه الفرية وأعرّض نفسى لعقابه، فالملوك لا يتركون من كذب عليهم دون أن ينتقموا منه، فما بالكم بمن يتعمد الكذب على اللّه فى الرسالة، وهى الجامعة لأمور عظيمة، ففيها الإخبار عن تكليف الناس بما يصلح شأنهم فى دينهم ودنياهم.
ونحو الآية قوله :« قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ، وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَرِسالاتِهِ » وقوله :« وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ. لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ. فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ ».


الصفحة التالية
Icon