ج ٢٦، ص : ١١٠
فهمّ المؤمنون أن يأبوا ذلك وأن يبطشوا بهم، فأنزل اللّه السكينة عليهم فتوقّروا واحتملوا كل هذا
، وقد تقدم ذلك برواية أخرى.
الإيضاح
(هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ) أي هم الذين جحدوا توحيد اللّه وصدوكم أيها المؤمنون باللّه عن دخول المسجد الحرام وصدوا الهدى محبوسا أن يبلغ محلّ نحره وهو الحرم عنادا منهم وبغيا، وكان رسول اللّه ساق معه حين خرج إلى مكة فى سفرته تلك سبعين بدنة.
(وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ) أي ولو لا هؤلاء الذين يكتمون إيمانهم خيفة على أنفسهم - وهم بين أظهرهم - لسلّطناكم عليهم فقتلتموهم وأبدتم خضراءهم، ولكن بين أفنائهم من المؤمنين والمؤمنات من لا تعرفونهم حين القتل، ولو قتلتموهم للحقتكم المعرة والمشقة، بما يلزمكم فى قتلهم من كفارة وعيب.
والخلاصة - إنه لو لا وجود مؤمنين مختلطين بالمشركين غير متميزين منهم - لوقع ما كان جزاءهم لصدهم وكفرهم، ولو حصل ذلك لزمكم العيب إذ يقول المشركون إن المسلمين قتلوا أهل دينهم.
(لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ) أي وقد حال بينكم وبين قتالهم لدخول مكة :
إخراج المؤمنين من بين أظهرهم، وليدخل فى ذينه من يشاء منهم قبل أن تدخلوها.
عن أبى جمعة جنيد بن سبع قال :« قاتلت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أول النهار كافرا وقاتلت معه آخر النهار مسلما، وفينا نزلت : ولو لا رجال إلخ. وكنا تسعة نفر سبعة رجال وامرأتين »، وفى رواية ابن أبى حاتم :« كنا ثلاثة رجال وتسع نسوة » أخرجه الطبراني وأبو يعلى وابن مردويه.