ج ٢٦، ص : ١٢٣
لا يكون وراءك. ويرى بعض أهل اللغة أن وراء من الأضداد فتطلق تارة على ما أمامك، وأخرى على ما خلفك، والحجرات (بضم الجيم وفتحها وتسكينها) واحدها حجرة : وهى القطعة من الأرض المحجورة أي الممنوعة عن الدخول فيها بحائط ونحوه، والمراد بها حجرات نسائه عليه الصلاة والسلام، وكانت تسعة لكل منهن حجرة من جريد النخل على أبوابها المسوح من شعر أسود، وكانت غير مرتفعة يتناول سقفها باليد، وقد أدخلت فى عهد الوليد بن عبد الملك بأمره فى مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فبكى الناس لذلك.
وقال سعيد بن المسيّب يومئذ : لوددت أنهم تركوها على حالها لينشأ ناس من أهل المدينة ويقدم القادم من أهل الآفاق فيرى ما اكتفى به رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فى حياته، فيكون ذلك مما يزهد الناس فى التفاخر والتكاثر فيها.
المعنى الجملي
ذم اللّه تبارك وتعالى الذين ينادون رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من وراء الحجرات وهو فى بيوت نسائه كما يفعل أجلاف الأعراب، ثم أرشدهم إلى ما فيه الخير والمصلحة لهم فى دينهم ودنياهم، وهو أن ينتظروا حتى يخرج إليهم.
روى ابن جرير بسنده عن زيد بن أرقم رضى اللّه عنه قال :« اجتمع ناس من العرب فقالوا انطلقوا بنا إلى هذا الرجل، فإن يك نبيا فنحن أسعد الناس به، وإن يك ملكا نعش بجناحه، قال : فأتيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فأخبرته بما قالوا، فجاءوا إلى حجرة النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فجعلوا ينادونه وهو فى حجرته يا محمد يا محمد، فأنزل اللّه تعالى :(إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) قال.
فأخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بأذنى فمدها وجعل يقول : لقد صدق اللّه تعالى قولك يا زيد. لقد صدق اللّه قولك يا زيد »
.


الصفحة التالية
Icon